اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
206354 مشاهدة
الزرع الذي في الأرض إذا كان يجذ مرارا

وإن كان الزرع يجذ مرارا كرطبة وبقول أو يلقط مرارا كقثاء وباذنجان وكذا نحو ورد فأصوله للمشتري؛ لأنها تراد للبقاء فهي كالشجرة.


الرطبة ما يسمى بالقضب من قوله: وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا ويسمى أيضا بالبرسيم، ويسمى أيضا بالقت يجز مرارا. يجز ثم ينبت، ثم يجز ثم ينبت قد يبقى أربع سنين أو خمس سنين كل ما نبت جزوه ونبت بعد ذلك، فأصوله للمشتري والبذرة التي قد ظهرت تكون للبائع إلا إذا شرط ذلك المشتري. إذا شرطها المشتري، فإنها له.
وكذلك البقول. البقول مذكورة في قوله تعالى: بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا مع إن القثاء أيضًا من جملة البقول. وإن كان البقول أكثر ما يطلق على ما يؤكل ورقا كما يسمى بالخس والفجل يؤكل ورقه، وكذلك يدخل في البقول ما له ثمر يجنى ويلقط مرارا كالكوسة والقرع والبطيخ وما أشبه ذلك والطماطم يلقط مرارا.
فالحاصل أن مثل هذا أصوله للمشتري؛ لأنه في الأرض والجزة واللقطة ظاهرتان عند البيع للبائع.

والجزة واللقطة ظاهرتان عند البيع للبائع وكذا زهر تفتح لأنه كالثمر يؤبر وعلى البائع قطعها في الحال وإن اشترط المشتري ذلك صح الشرط وكان له كالثمر المؤبر إذا اشترطه مشتري الشجر.


يقول: أصوله يعني: أصول هذا القرع والدباء والباذنجان والطماطم والقثاء والخيار وما أشبهها. أصول الشجر للمشتري؛ لأنها باقية. والجزة واللقطة ظاهرتان عند البيع للبائع. فالأصول مثل الشجر مثل النخل والأترج وشجر العنب والتوت والرمان والخوخ ونحوه. الأصول للمشتري، والجزة واللقطة ظاهرتان عند البيع للبائع؛ لأنه قد سقاه إلى أن ظهر، فيقول هذه الدباء مثلا وهذا التفاح الظاهر أو هذا مثلا البطيخ الظاهر الجح ونحوه، للبائع؛ لأنه سقاه إلى أن ظهر. فإن اشترط المشتري ذلك، فإنه له؛ المسلمون على شروطهم.
ويأتينا أن الثمر إذا أبر، فإنه يكون للبائع. وإن اشترط المشتري ذلك، فهو له. ولا يلزم البائع أن يقطعها في الحال، بل يتركها إلى أن تنبت. يترك مثلا الثمرة الظاهرة واللقطة الظاهرة إلى أن تنضج. والعادة أن المشتري يسقيها؛ لأن أصولها له. الشجر له. الأصول يلقط مرارا، فهو يسقيها لأجل أن تبقى أصولها. ولو كان السقي يضر بالثمرة التي للبائع. يقول: أنا أسقي ثمري أي: شجري أو أسقي مثلا بستاني. فإن ترك سقيها المشتري، لم يجبره البائع أن يسقيها؛ لأنه لا يلزمه شيء ليس له. نعم.